لماذا نحب الله؟
|
وما العوائق التي تمنع محبتنا له؟
|
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث |
فلنأخذ
سفر النشيد الذي يعطينا
مثالا عن محبة النفس
لله...
فلماذا كانت تحبه؟
1- أول كل
شئ, هو أن حب الله
متعتها ولذتها, تقول له:
حبك أطيب من الخمر نش
1:2.
إنها محبة تسكر. تنتشي
بها النفس. بل تقول:
إني مريضة حبا نش 2:5
أي أن محبة الله قد
دغدغت جسمها, فلم تعد
تحتمل تلك الطاقة الجبارة
من الحب الإلهي.
جسدها أضعف من طاقات الروح.
فلم تعد طاقة الجسد
تحتمل الحب الإلهي, فأصبحت
مريضة حبا...
إنسان ترتفع درجة حرارة
جسده, إذا هو مريض
جسديا. وإنسان آخر ترتفع
بالحب درجة حرارة روحه,
فإذا هو مريض حبا...
مدروخ من الحب الإلهي.
مثلما قيل لبولس الرسول
وكثرة الكتب حولتك إلي
الهذيان يا بولس أع 26:24.
هذا الهذيان البولسي, المقدس
نشتهي نحن جميعا أن
نصاب به...
إنسان من فرط الحب الإلهي
الذي فيه, يتكلم كلاما
لا يفهمه الناس, ويشعر
بشعور لا يدركه الناس,
فيحسبونه يهذي...!
مشكلة أهل العالم, أن محبة
العالم تتصارع فيهم مع
محبة الله. فالجسد يشتهي
ضد الروح التي تشتهي
الله غل 5:17. فهم يلتذون
بالعالم, فيما يريدون أن
يحبوا الله وهكذا يوجد
في حياتهم شئ من
التضاد ومن التناقض, ومن
الصراع, بغير استقرار.
أما الإنسان الذي يحب الله
حقا, ومحبة الله هي
متعته, فليس فيه صراع
ولا تضاد. ولا يتعب في
تنفيذ وصية الله, لإنها
لذته...
إنه يتغني بوصايا الله, كما
تغني بها داود في
مزاميره وصاياك هي لهجي
سراج لرجلي كلامك, ونور
لسبيلي, محبوب هو اسمك
يارب فهو طول النهار
تلاوتي مز119... أو كما
تقول عذراء النشيد: اسمك
دهن مهراق ونترجمها في
القداس الإلهي طيب مسكوب
هو اسمك القدوس...
طيب مسكوب هو اسمك, لذلك
أحبتك العذاري نش 1:3. ونعني
بالعذاري النفوس التي لم
تعط ذاتها لآخر, إذ
أحبت الرب من كل
القلب. سواء أكانت هذه
النفوس من البتوليين أو
المتزوجين لذلك فإن الكتاب
لقب كل الذين يخلصون
بخمس عذاري حكيمات...
2- النفس تحب
الله, لأنها لا تجد له
شبيها...
كما نغني له في
التسبحة ونقول: من في
الآلهة, يشبهك يارب؟! أنت
الإله الحقيقي صانع العجائب.
إن الله, إذا قارنا
محبته بكل مشتهيات العالم,
وكل آلهته, نجده يفوقها
جميعا, لذلك تقول عذراء
النشيد:
حبيبي أبيض وأحمر, معلم بين ربوة نش 5:10.
أبيض في نقاوة قلبه, وفي
أنه النور الحقيقي... وأحمر
في الدم, المسفوك لأجلنا
ولأجل خلاصنا... وهو مميز
بين ربوة. أي إن وضعت
جيبي بين عشرة آلاف,
أجده مميزا بينهم... متي
إذن يتميز الله في
قلبك عن كل مشتهيات
الدنيا وكل سكانها, وتجده
يفوقهم جميعا...؟
كل شهوات العالم زائلة
تنتهي بعد حين, أما
محبة الله, فتبقي إلي
الأبد. شهوات العالم سطحية
أما محبة الله فلها
عمق, ولها قدسية, وترتفع
مستوي الإنسان, في حين
أن شهوات العالم تهبط
بمستواه...
كلما أحبك يارب, ترفعني
إليك, لأعيش في السماويات,
أما إن أحببت غيرك,
فإنه يهبطني معه إلي
الأرض, إلي التراب
والأرضيات...