[size=18][[b][color=darkred]center]مقدمأ فى التعليم نقاوة
بقلم قداسة البابا شنوده الثالث
ليس كل إنسان يصلح للتعليم وإنما كما قال الكتاب: "أما المعلم ففى التعليم" (رو 7:12) وكما قال بولس الرسول لتلميذه تيطس: "أما أنت فتكلم بما يليق بالتعليم الصحيح" (تى 1:2) وقال له أيضاً: "مقدماً فى التعليم نقاوة" (تى 7:2).
ما معنى نقاوة التعليم ؟
تعنى تعليم نقى صافى، غير مختلط بأى شوائب، بل يكون تعليماً معتمداً على كلام الرب، ويكون نقياً من الجهل، ونقصد الجهل بتعليم الكتاب المقدس كما قال الرب للصدوقيون: "تضلون إذ لا تعرفون الكتب" (مت 29:22). يكون أيضاً نقياً من الرؤى والأصوات الداخلية، ومن التأثر بالقراءات الغريبة، والفكر الخاص، ومن المبالغة والترجمات الخاطئة للكتاب.
ما معنى أن يكون التعليم نقى من جهة الفهم ؟
مثلاً كلمة أخ يستخدمها البروتستانت بالنسبة لأخوة السيد المسيح، كأنهم أخوة له فى الجسد مولودين من العذراء مريم، بينما الكتاب يشرح كلمة أخ، بأنها تطلق على الأقرباء الشديدى القرابة، فيعقوب أبو الآباء عندما ترك خاله لابان قال له لابان: "ألانك أخى تخدمنى مجاناً" (تك 15:29) ولم يكن أخوه بل كان خاله، ولما سبى لوط مع شعب سدوم يقول سفر التكوين: "فلما سمع ابرآم أن أخاه سبى جر غلمانه المتمرنين" (تك 14:14) ولم يكن أخوه ولكنه عمه وأحياناً تطلق على القبيلة كلها والعشيرة، كما يقول بولس الرسول: "وددت لو أكون أنا نفسى محروماً من أجل أخوتى وأنسبائى فى الجسد" (رو 3:9).
كذلك كلمة نفس، لابد أن نفهم معناها بالضبط، لأن الأدفنتست الذين ينكرون خلود النفس يستعملون هذه الكلمة بمفهوم خاطئ، مثل ما ورد فى (حز 20:18) "النفس التى تخطئ هى تموت"، فهم (يؤمنون بموت النفس مع الجسد إلى يوم القيامة) بينما كلمة النفس لها معانى كثيرة. إما أنها عنصر الحياة بالنسبة للجسد، وإما أن النفس تعنى الإنسان كله، فالإنسان سُمى نفساً "فصار آدم نفساً حية". كما قيل فى (1بط 20:3) "الفلك الذى خلصت فيه ثمانى أنفس بالماء" لم يقصد ثمانى أنفس أى ثمانية أرواح، بل يقصد ثمانية أشخاص، وأيضاً مثل أبونا إبراهيم أبو الآباء عندما حدث سبى سدوم قابله ملك سدوم وقال له: "أعطنى النفوس وأما الأملاك فخذها" (تك 21:14)، أعطنى النفوس معناها الأشخاص.
وفى حزقيال يقول: "النفس التى تخطئ تموت" معناها أن الشخص الذى يخطئ يموت. كما قيل أيضاً فى (تك 26:46): "أن النفوس التى ليعقوب التى أتت لمصر هى 66 نفساً". ليس معناها مجرد نفوس خارجة من الأجساد. ولكن معناها الأشخاص الذين ليعقوب هم 66 شخصاً.
فعندما يقول الأدفنتست: (إن النفس تموت) يعتمدون فى هذا على آيات كثيرة، مثلاً يقولون: "ليس فى الموت من يذكرك، ولا فى الجحيم من يعترف لك"، معناها أنه لا توجد فرصة للتوبة لمن مات، أو لمن هو فى الهاوية، لكن ليس معناها أن النفس لا تذكر ولا تعترف، ويقول أيضاً فى القيامة: "يلبس المائت عدم موت ويلبس الفاسد عدم فساد" (1كو 15)، المقصود بفاسد أى يموت ويتحلل ويتعفن.
ويستخدمون أيضاً الآية التى تقول: "إن لم تتوبوا فجميعكم أيضاً تهلكون" (لو 5:13). والهلاك معناه العقوبة الأبدية، والعذاب الأبدى، والدليل على ذلك أن السيد المسيح قال فى (لو 10:19): "إبن الإنسان جاء يطلب ويخلص ما قد هلك" ويخلص ما قد فنى أى ما حُكم عليه بالدينونة الأبدية.
هذه ليست نقاوة فى التعليم، لأن الموت له معانى كثيرة، من ضمن معانى الموت مفارقة الروح من الجسد، ومفارقة الإنسان لله، لأن الله هو مصدر الحياة، والإنسان يعتبر ميتاً بدون الله، لذلك فى قصة الإبن الضال قال الأب: "ابنى هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد" (لو 24:15) مائت بالخطية ففى حالة الخطية يعتبر مائت، مثل ما ورد فى (أف 5:2) "أمواتاً بالخطايا" أى أمواتاً من الناحية الروحية، لذلك قال فأقامكم المسيح.
والذى يسمع ما يقولونه يقول إن الإنسان بطبيعته شخص مائت، مثله مثل الحيوان لا فرق بين الإنسان والحيوان، وللأسف يعتمدون على بعض الأشياء، فكما قيل عن الإنسان إنه نفساً حية، قيل عن الحيوانات إنها أنفس حية.ويستخدمون ما قيل فى سفر الجامعة: "إن موت ذاك كموت ذاك كلاهما من التراب وإلى التراب يعود كليهما" (جا 19:3) ولا يمكن أن نقول إن الحيوان قد خلق على صورة الله.
† النقطة الثانية : هى إن كان الإنسان موته كالحيوان من الناحية الجسدية، فالجسد يتحول إلى تراب، لكن أيضاً الإنسان يقوم من الأموات يوم القيامة، ولا يمكن أن يقوم الحيوان يوم القيامة، هنا لا نجد مساواة.
كما يقولون: "إن الإنسان كالحيوان تماماً" وهذا ليس صحيحاً، لأنه أيضاً فى نفس سفر الجامعة الذى يعتمدون عليه ورد فى (جا7:12) "أنه عند موت الإنسان يعود التراب إلى التراب أما الروح فترجع إلى الله معطيها"، وهنا ميز الروح عن الجسد الترابى، هنا نجد عدم فهم للكتاب، ولاستخدام الآيات فى غير موضعها، وتفسيرها من عندهم.
وموضوع أن الإنسان يموت فهناك آيات أخرى كثيرة تعارضه، يقولون إن: "الإنسان يموت بموت نفسه، وجسده لا يحس ولا يشعر ولا يدرك، ويظل هكذا إلى يوم القيامة"! هذا ليس صحيحاً. بدليل قول بولس الرسول: "لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً" (فى 23:1)، فإن كان هكذا كيف سيكون مع المسيح؟وأيضاً نفوس الشهداء التى كانت تحت المذبح فى (رؤ 10:6) "إنهم صرخوا إلى الرب قائلين حتى متى يارب تنتقم لدمائنا فقيل لهم انتظروا إلى أن يكمل رفقاؤهم" أى أنهم يسمعون ويتكلمون مع ربنا، فكيف لا تحس النفس، فهل هذه نقاوة تعليم.
نفس الوضع بالنسبة لقصة الغنى ولعازر. عندما مات الاثنين، لعازر ذهب لأحضان إبراهيم، الذى رفع عينيه من الهاوية ورأى الغنى وقال: يا أبى إبراهيم ارسل لعازر إلىّ. قال له: "أنت استوفيت خيراتك على الأرض والآن أنت تتعذب وهو يتعزى" (لو 25:16).
هنا نجد حوار بينه وبين إبراهيم، وفيه رد وجواب، وفيه نظر ورؤية، فكيف يكون الإنسان لا يحس ولا يدرك ولا يعى!
الذى يريد أن يفسر الكتاب المقدس يأخذه كله، ولا يأخذ آية ويعتمد عليها ويترك الباقى، الكتاب هو كل لا يتجزأ وليس آية واحدة. ومع ذلك هؤلاء الأشخاص يشبهون الصدقيون فى بعض النواحى، هؤلاء الذين قال لهم السيد المسيح فى (مت 29:22): "تضلون إذ لا تعرفون الكتب".لأن ربنا قال: "أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب ليس هو إله أموات بل إله أحياء" (تك 13:28)، أى أن إبراهيم وإسحق ويعقوب أحياء.إذاً لكى نتفاهم مع هؤلاء الناس، لابد أن ندرك تماماً أن الآيات التى يستعملونها إما أنهم يسيئون فهمها، أو أنهم لا يتعرفون على آيات أخرى، تكمل المعنى المطلوب هذا من ناحية.
†